2/02/2012

إلى إخواني التلاميذ والطلبة

nuancier peinture



 الاستعدادات النفسية للامتحانات
 
 
يعتبر الامتحان الدراسي أحد المواقف الصعبةالتي يتعرض لها الإنسان ..فهو يعني اختباراً وتقييماًمباشراً وواضحاً لشخصيتهوقدراته وذكائه ..أي ببساطة يعني قيمته كإنسان .
وتختلف درجة التوتروالقلق التي تسبق الامتحان أو التي ترافقه ، بين شخص وآخر وفقاً لتركيبته النفسيةوثقته بنفسه وظروفه العائلية والاجتماعية المحيطة ..
والحقيقة " إن قليلاًمن الخوف والقلق لا بأس فيه " .. لأنه طبيعي .. والقلق الطبيعي ينشط الجهودالإيجابية للإنسان كي يتعامل مع الأمور الهامة والصعبة ومن ثم السيطرة عليهاوالنجاح فيها .
وهناك عدد من الأعراض الشائعة التي تسبقالامتحانات مثل : الصداع ونقص الشهية وآلام البطن والإسهال المتكرر والغثيانوالإقياء .. إضافة للدوخة والدوار والإحساس بعدم التوازن .. وخفقان القلب وآلامالصدر . وهناك أعراض أخرى مثل الآلام العضلية المتنوعة والشعور بالتعب والإعياءوغير ذلك ..
وأما الأعراض النفسية الصريحة فهي الترقب والخوف وتوقعالفشل والرسوب وصعوبات النوم والأحلام المزعجة والكوابيس ، إضافة للعصبية والنرفزةوالتوتر ونقص التركيز والمثابرة وغير ذلك ..
ولابد من التأكيد علىأن هذه الأعراض الجسمية والنفسية كلها تعبيرات عن ازدياد القلق والخوف والتوتر .. وهي تمثل ردوداً جسمية على القلق أو أنها من أعراض القلق الجسمية والنفسية ..وهي لاتعني وجود مرض خطير .. وبالطبع فهي أعراض مزعجة وقد تكون معطلة .. ولابد منالاطمئنان والتطمين من قبل الطلبة وأهلهم ..
ومن المطلوبالسيطرة على هذه الأعراض والتخفيف منها بالدعم النفسي والتفاؤل والتشجيع والتطمين ..
وأيضاً من خلال التخفيف من الأمور التي تزيد القلق مثل المشروباتالمنبهة ( الشاي والقهوة والكولا والمتي والشوكولا)
من خلال تنظيم الوقتوأوقات المذاكرة والدراسة وأوقات الراحة والنوم .ولابد من تعديل الأفكار الخاطئةالمقلقة والمخيفة
وتبني أفكاراً صحية وعملية وواقعية ..
وأن يأخذالطالب بأسباب النجاح من حيث بذل الجهد في الحفظ والاستذكار والدراسة وبشكل مناسب ..
وبعض الحالات تحتاج للعون الاختصاصي في حال عدمالاستجابة لهذه الأساليب العامة من خلال تقييم الحالة وتقديم العلاجات المناسبة .
والأشخاص الذين يزداد خوفهم وقلقهم من الامتحانات يكونون عادة ممن يشكونمن صراعات نفسية تتعلق بالتنافس والنرجسية ( حب الذات ) والطموح والمثالية .. بسببتكوينهم الذاتي أو تربيتهم ، وعادة ما يكون هؤلاء من المتفوقين والحساسين . وقديزداد قلقهم لدرجة كبيرة وبعضهم يراجع العيادات النفسية لطلب المشورة وتخفيف أعراضالتوتر المصاحبة مثل القلق والأرق والعصبية وضعف التركيز والنسيان والخوف منالامتحان . ومن السهل عادة تقديم بعض النصائح العامة والعملية لهم أو مهدئ خفيفمناسب .
وبعضهم الآخر ممن لديه أعراض شديدة كالاكتئاب أو الوسواسالقهري ( مثل الرغبة في التأكد من حفظ المعلومات وتكرارها والدقة الشديدة ) يحتاجلعلاجات أخرى دوائية وجلسات نفسية وغير ذلك .
وأما بعض الطلبة ممنينقصهم التوازن النفسي العام إضافة إلى وجود درجة من التقصير في واجباتهم وتحصيلهمالدراسي ، فمن الممكن أن يكون موقف الامتحان مسرحاً لردود فعل متعددة ومرضية .. مثلالإغماء المتكرر والتهديد بالانتحار أو محاولته والتصرفات غير المقبولة والاندفاعيةومحاولات الغش والتهور إضافة للقلق والاكتئاب ، وأيضاً المبالغة في التعويض عنالتقصير الدراسي بالسهر المتواصل وتناول مختلف المنبهات بكميات كبيرة وغير ذلك ..
ولاشك بأن التخويف الشديد من الأهل والعقوبات الصارمة تساهم فيزيادة التوتر وردود الأفعال المرضية، ومثلها في ذلك عدم التوجيه أو الوعودبالمكافآت غير المناسبة والإفراط في ذلك
والحقيقة أن النجاح فيالامتحان له معان كثيرة بالنسبة للشخص .. ومنها الاعتزاز بالذات ولذة النصر والتفوق .. وأما الرسوب والفشل فهو في أحد معانيه العميقة جرح خاص لنرجسية الإنسان قد يبقىيحمله بداخله زمناً طويلاً .ولابد من التأكيد على أن النجاح والرسوب هو جزء منالحياة نفسها .. حلوها ومرها ..
ولابد من الإعداد المتوازن لأجيال الطلبة ممايعينهم على فهم الحياة نفسها والاستعداد لمتطلباتها .
وفي عصرنا الحالي يزداد التنافس والصراع بين الناس مما يصل إلى أشكال مرضية قاسية لا داعي لها .. وقد أدى ذلك في بعض المجتمعات الغربية إلى ازدياد في حالات وفيات الأطفالوالمراهقين من خلال إيذاء النفس بشكل مباشر أو غير مباشر وذلك مع نهاية السنةالدراسية وظهور نتائج الامتحانات في كل عام ..والحمد لله فإن هذه الظاهرة ليستمنتشرة في بلادنا ..
ولكن يجب التأكيد على ضرورة الاهتمام بجيل الطلبةفي مختلف أعمارهم وتقديم العون اللازم لهم وإعدادهم بشكل متوازن لمواجهة مراحلالحياة المختلفة بقوة وعزم وصبر وجد ومثابرة .. ولابد من التأكيد على ضرورة التعرفعلى خبرات الحياة المتنوعة والمواقف الصعبة و " الاستفادة من الفشل " في حال الرسوبأو الحصول على درجات متدنية واعتبار ذلك فرصة حقيقة للتطور والتقدم والمراجعةلتنمية القدرات وتعديل الأخطاء والمضي نحو الأفضل .
المصدر: الدكتور حسان المالح/ استشاري الطب النفسي